الهجوم على بيت الزهراء عليها السلام

التوطئة للهجوم الأخير والهجوم على بيت الزهراء عليها السلام

فقال عمر لأبي بكر: ما يمنعك أن تبعث إليه فيبايع.. ؟! وإن لم تفعل
لأفعلن. ثم خرج مغضبا وجعل ينادي القبائل والعشائر: أجيبوا خليفة
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)! فأجابه الناس من كل ناحية ومكان..! فاجتمعوا عند مسجد
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فدخل على أبي بكر وقال: قد جمعت لك الخيل والرجال ….

فقال له أبو بكر: من نرسل إليه؟ قال عمر: نرسل إليه قنفذا فهو رجل فظ غليظ
جاف من الطلقاء، أحد بني عدي بن كعب، فأرسله وأرسل معه أعوانا ، وقال
له: أخرجهم من البيت فإن خرجوا وإلا فاجمع الأحطاب على بابه، وأعلمهم
إنهم إن لم يخرجوا للبيعة أضرمت البيت عليهم نارا .

فانطلق قنفذ واستأذن على علي (عليه السلام) فأبى أن يأذن لهم، فرجع أصحاب
قنفذ إلى أبي بكر وعمر – وهما جالسان في المسجد والناس حولهما – فقالوا: لم
يؤذن لنا، فقال عمر: اذهبوا! فإن أذن لكم وإلا فادخلوا بغير إذن.. فانطلقوا
فاستأذنوا، فقالت فاطمة (عليها السلام): ” أحرج عليكم أن تدخلوا على بيتي بغير إذن.. ”
فرجعوا وثبت قنفذ، فقالوا: إن فاطمة قالت: كذا وكذا.. فتحرجنا أن ندخل بيتها
بغير إذن.

        الهجوم الأخير

فغضب عمر وقال: ما لنا وللنساء..؟! ثم أمر أناسا حوله بتحصيل
الحطب .
وفي رواية: فوثب عمر غضبان.. فنادى خالد بن الوليد وقنفذا فأمرهما
أن يحملا حطبا ونارا  فقال أبو بكر لعمر: ائتني به بأعنف العنف.. ! وأخرجهم
وإن أبوا فقاتلهم ، فخرج في جماعة كثيرة  من الصحابة من المهاجرين
والأنصار  والطلقاء  والمنافقين  وسفلة ا لأعراب وبقايا الأحزاب .

وفي رواية: إنهم كانوا ثلاثمائة .
وقيل: غير ذلك، منهم:
١ – عمر بن الخطاب
٢ – خالد بن الوليد
٣ – قنفذ
٤ – عبد الرحمن بن عوف
٥ – أسيد بن حضير  الأشهلي
٦ – سلمة بن سلامة بن وقش الأشهلي
٧ – سملة بن أسلم
وفي بعضها: سلمة بن أسلم بن جريش الأشهلي
٨ – المغيرة بن شعبة
٩ – أبو عبيد ة بن الجراح
١٠ – ثابت بن قيس بن شماس
١١ – محمد بن مسلمة
١٢ – سالم مولى أبي حذيفة
١٣ – أسلم العدوي
١٤ – عياش بن ربيعة
١٥ – هرمز الفارسي (جد عمرو بن أبي المقدام)
١٦ – عثمان
١٧ – زياد بن لبيد
١٨ – عبد الله بن أبي ربيعة
١٩ – عبد الله بن زمعة
٢٠ – سعد بن مالك
٢١ – حماد
وذكروا بعضهم أبا بكر أيضا وكذا زيد بن ثابت ، فقال لهم عمر: هلموا
في جمع الحطب .. فأتوا بالحطب
، والنار ، وجاء عمر ومعه فتيلة .

وفي رواية: أقبل بقبس من نار ، وهو يقول: إن أبوا أن يخرجوا فيبايعوا
أحرقت عليهم البيت.. فقيل له: إن في البيت فاطمة، أفتحرقها؟! قال: سنلتقي
أنا وفاطمة !!.
فساروا إلى منزل علي (عليه السلام) وقد عزموا على إحراق البيت بمن فيه . قال
أبي بن كعب: فسمعنا صهيل الخيل، وقعقعة اللجم، واصطفاق الأسنة، فخرجنا
من منازلنا مشتملين بأرديتنا مع القوم حتى وافوا منزل علي (عليه السلام) . وكانت
فاطمة (عليها السلام) قاعدة خلف الباب، قد عصبت رأسها ونحل جسمها في وفاة
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ،  فلما رأتهم أغلقت الباب في وجوههم وهي لا تشك أن لا
يدخل عليها إلا بإذنها ، فقرعوا الباب قرعا شديدا  ورفعوا أصواتهم وخاطبوا
من في البيت بخطابات شتى  ، ودعوهم إلى بيعة أبي بكر ، وصاح عمر:
يا بن أبي طالب! افتح الباب ..!
والله لئن لم تفتحوا لنحرقنه بالنار ..!
والذي نفسي بيده لتخرجن إلى البيعة أو لأحرقن البيت عليكم ..!
أخرج يا علي إلى ما أجمع عليه المسلمون وإلا قتلناك ..!
إن لم تخرج يا بن أبي طالب وتدخل مع الناس لأحرقن البيت بمن
فيه ..!

يا بن أبي طالب! افتح الباب وإلا أحرقت عليك دارك ..!
والله لتخرجن إلى البيعة ولتبايعن خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وإلا أضرمت
عليك النار ..!
يا علي! أخرج وإلا أحرقنا البيت بالنار ..!

فخرجت فاطمة (عليها السلام) فوقفت من وراء الباب، فقالت: ” أيها الضالون
المكذبون! ماذا تقولون؟ وأي شئ تريدون؟ ” فقال عمر: يا فاطمة! فقالت:
” ما تشاء يا عمر؟ ”
قال: ما بال ابن عمك قد أوردك للجواب وجلس من وراء الحجاب؟
فقالت: ” طغيانك يا شقي أخرجني وألزمك الحجة.. وكل ضال غوي “.
فقال: دعي عنك الأباطيل وأساطير النساء!! وقولي لعلي يخرج.
فقالت: ” لا حب ولا كرامة، أبحزب الشيطان تخوفني يا عمر؟! وكان
حزب الشيطان ضعيفا “.
فقال: إن لم يخرج جئت بالحطب الجزل وأضرمتها نارا على أهل هذا
البيت وأحرق من فيه، أو يقاد علي إلى البيعة ..!
فقالت فاطمة (عليها السلام): ” يا عمر! ما لنا ولك لا تدعنا وما نحن فيه؟ ”
فقال: افتحي الباب وإلا أحرقنا عليكم بيتكم …
يا فاطمة بنت رسول الله! أخرجي من اعتصم ببيتك ليبايع ويدخل فيما
دخل فيه المسلمون وإلا والله أضرمت عليهم نارا ….
أدخلوا فيما دخلت فيه الأمة ..!
يا فاطمة! ما هذا المجموع الذي يجتمع بين يديك؟ لئن انتهيت عن هذا
وإلا لأحرقن البيت ومن فيه ..!
أخرجي من في البيت وإلا أحرقته ومن فيه..!

فقالت فاطمة (عليها السلام): ” أفتحرق علي ولدي ؟! ”
فقال: إي والله أو ليخرجن وليبايعن .
وفي رواية: ” يا بن الخطاب! أتراك محرقا علي بابي؟! ” قال: نعم .
قالت: ” ويحك يا عمر! ما هذه الجرأة على الله وعلى رسوله؟! تريد أن
تقطع نسله من الدنيا وتطفئ نور الله والله متم نوره؟! ”
فقال: كفي يا فاطمة! فليس محمد حاضرا! ولا الملائكة آتية بالأمر
والنهي والزجر من عند الله! وما علي إلا كأحد من المسلمين، فاختاري إن شئت
خروجه لبيعة أبي بكر أو إحراقكم جميعا..!
فقالت – وهي باكية -: ” اللهم إليك نشكو فقد نبيك ورسولك وصفيك،
وارتداد أمته علينا، ومنعهم إيانا حقنا الذي جعلته لنا في كتابك المنزل على نبيك
المرسل “.
فقال لها عمر: دعي عنك يا فاطمة حمقات [حماقات] النساء! فلم يكن
الله ليجمع لكم النبوة والخلافة ..!!
فقالت: ” يا عمر! أما تتقي الله عز وجل.. تدخل على بيتي، وتهجم على
داري؟! ” فأبى أن ينصرف .


أضف تعليق